السبت، 31 ديسمبر 2011

البديل | البديل » سارة شمبونجو تكتب عن الإخوان والهجوم على المنظمات: انتهى الدرس يا.. بركة

البديل | البديل » سارة شمبونجو تكتب عن الإخوان والهجوم على المنظمات: انتهى الدرس يا.. بركة


ثلاثون قطعة من الفضة كانت هي الثمن الذي تلقاه يهوذا الاسخريوطي لقاء تسليمه السيد المسيح لليهود وكان الإنجيل يصف يهوذا” بالمُسلِّم” من حيث أنه سلم المسيح لليهود… ندم يهوذا على ما فعل ورد الفضة لكهنة اليهود … لكن بعد فوات الأوان، فما كان منه حسب روايات الإنجيل إلا أن قام بشنق نفسه عقابا لما فعل .

يبدو الموقف أكثر جلاء في لوحة للفنان الدنمركي ” كارل بلوش “ حيث نرى يهوذا يغادر العشاء الأخير متسللا ليقوم بالإبلاغ عن مكان اجتماع المسيح بتلاميذه .

لا أعرف لماذا استحضرت هذا المشهد الدراماتيكي ليهوذا و السيد المسيح ولوحة” بلوش”.. وأنا اقرأ تصريحات السيد احمد أبو بركة المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة مع الفارق طبعا … عن اقتحام قوات “الصاعقة “ لبعض المراكز الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني ومصادرة ما بها من أوراق وأجهزة و” غلايات شاي” معرفش أيه الغرض من مصادرة غلايات الشاي بس عادي ما احنا في مرحلة كلمة ” عبثيه ” هي أكثر المفردات تواضعا لوصف ما نمر به, داهمت تلك القوات هذه المؤسسات بحجة التحقيق في تمويلات المداهمون ومن وراءهم أول من يعلم مصدرها ومن أين تأتي وإلى أين تذهب وكله بالورقة والقلم .

أخدت نفس عميك كده وقولت هوووووب عشان الدمعة ماتفطش من عينيا وأنا بفتكر محاكمات الاخوان العسكرية بداية من محاكمات حادث المنشيه الشهير مرورا بقضية تنظيم” 65 “و مرورا بـ” محاكمات التوفيقية” عام 1995 .. وصولا وانتهاءا بمحاكمات أقطاب الاخوان خيرت الشاطر وحسن مالك ومحمد علي بشر على خلفية عرض طلاب الاخوان الشهير داخل حرم جامعة الازهر عام 2005 واللي تم فيها الحكم بسبع سنوات بالتمام والكمال على خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة” المحظورة” أيامها .

.مش هتكلم على المحاكمات السابقة لأني ماعشتهاش ونظرا لأني مش باثق في كتير من كتب التاريخ, هتكلم عن الفترة اللي أنا عشتها وعاصرتها بنفسي الفترة اللي كان تجمع عشر نشطاء على سلالم نقابة الصحفيين أو قدام دار القضاء العالي مغامرة محفوفة بالمخاطر وغير معلومة العواقب رغم كده وقفت كل التيارات المصرية بدون استثناء -بغض النظر عمن يعرفون الآن بالتيار السلفي لان التيار ده كان مكانه مكاتب ضباط امن الدولة حيث تقاس هناك أطوال اللحى والشوارب ويتم تكليفهم بمهام هم اعلم الناس بطبيعتها- وقفت كل القوى السياسية تطالب بالإفراج عن الشاطر ورفاقه ومحاكمتهم أمام قاضيهم الطبيعي بصفتهم مدنييين .

لم يتذكر السيد احمد ابو بركة وغيره من المتحدثين باسم التيارات الدينية في مصر- أصحاب ربطات العنق العريضة – التي أصبح لها صوت بفضل الله أولا ثم بفضل ثورة الخامس والعشرين من يناير لم يتذكروا اسما مثل” احمد نبيل الهلالي” قديس اليسار المصري الذي كان يتصدى للدفاع عن المظلومين بوجه عام ومظاليم الإسلاميين على وجه الخصوص و إن كانت ذاكرة أبو بركة قد نالها شيء من التلف فأذكره بوقوف نبيل الهلالي مع الدكتور” عبد المنعم أبو الفتوح “ ودفاعه عنه في قضيته سنة 1995 .. ولا الدكتور ابو الفتوح دلوقت مش محسوب عالاخوان ؟

في الوقت اللي كان السلفيين قالبين الدنيا ومولعينها أيام اختهم كاميليا واختهم وفاء قسطنطين كانوا غاضين البصر تماما عن اخوهم برضه” سيد بلال “ أحد ضحايا كنيسة القديسين- أنا بعتبره أحد ضحاياها- .اللي ترافعوا عن سيد بلال كانوا برضه حقوقيين لا يمتون لسيد بلال ومن ينتمي اليهم سيد بلال بأي صلة . كل ما كان يربطهم بسيد بلال وغيره من المظلومين انهم اخوة في الوطن و الإنسانية لا أقل ولا أكثر .

لماذا هذه الهجمة الشرسة على المراكز الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني ؟ التمويل ؟ ما كلنا بنتمول من اصغر واحد فينا اللي لسه بياخد مصروف من باباه أو مامته لاكبر واحد فينا بياخد مصروفه من مامته امريكا .

تذكر فجأة المجلس ورفاقه من التيارات الاسلامية ان هناك تمويلا للمراكز الحقوقية والمؤسسات غير الحكومية تذكروها فقط لانهم ادركوا انها مسمار من مسامير كثيرة يتم دقها بقوة في نعوشهم المنتظرة .. لم يتذكروا مؤسسات مثل جمعية أنصار السنة أو جمعية محمد علاء مبارك.. لانها لا تمثل لديهم أو عليهم خطورة تذكر.. وكله تحت السيطرة يا باشا

ما آلمني ليس مهاجمة العسكر لهذه المؤسسات فالضربه كانت قادمة لا محالة كان عنصر الوقت هو المفاجئ أما الفعل نفسه فكان الجميع في انتظاره ومستعدون لاستقباله ومنتظرين حدوثه في أي لحظه .. ما آلمني وغص حلقي هو مباركة المكتوين بحكم العسكر منذ أيام عبد الناصر والمحاكم العسكرية إلى أيام المخلوع . لم يكتف الاخوان وغيرهم من التيارات بالصمت مثلا لكنهم باركوا ما يحدث … قدرة الإخوان على الابهار في كل مرة تفوق مثيلاتها في المرات التي تسبقها … أرجع وأقول لنفسي: لماذا ننبهر إذا كان الإخوان انفسهم قد تخلوا عن ابنائهم الذين يحاكمون عسكريا الآن بعد الثورة غاية ما استطاعوا فعله انهم أرسلوا اليهم محامين للدفاع عنهم .. لكنهم لم يطالبوا مرة بوقف المحاكمات العسكرية للمدنيين لم يقفوا بقوة في وجه المحاكمات العسكرية التي يكتوي بنارها اكثر من اتناشر ألف مدني حتى الآن … اللي قام وجعل لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين هم شباب وفتيات آمنوا بأن المناصب والكراسي والوزارات والبرلمانات إلى زوال لكن الباقي هو الانسان وكرامته وحقه في أن يعيش حياة عادلة لا ظلم فيها .

تطاردني الآن مع صورة يهوذا وهو يلطم وجهه و يحاول جاهدا رد قطع الفضة مقابل التكفير عن ذنب تخليه وخيانته للسيد المسيح صورة أخرى للقاضي الإخواني الشهير “عبد القادر عودة “ أحد أقطاب الإخوان في فترة الخمسينات الذي استعان به محمد نجيب إبان ازمة مارس1953 للصعود الى قصر عابدين وطلب منه ان يخطب في المتظاهرين ويطلب منهم العودة الى بيوتهم وهو ما نجح فيه المستشار عودة.. ثمة صورة ثالثة تطاردني لنفس القاضي الشهيد القاضي” عبد القادر عودة” وهو يجر جرا الى حبل المشنقة في التاسع من ديسمبر سنة 1954 خلص الكلام .


الأحد، 7 أغسطس 2011

مرشد الإخوان: نتعامل مع مبارك كالوالد المريض..ولا نعترض على ترشيح جمال - بوابة الشروق

مرشد الإخوان: نتعامل مع مبارك كالوالد المريض..ولا نعترض على ترشيح جمال - بوابة الشروق


لخص محمد بديع مرشد عام جماعة الإخوان المسلمين رؤية الجماعة ومنهجها في التعامل مع الرئيس حسني مبارك بقوله: " نتعامل معه كالوالد المريض"، مشيرا إلى الأزمة الصحية التي انتابت الرئيس مؤخرا، والتي اضطر على إثرها لإجراء عملية جراحية في ألمانيا.


وقال بديع: "نطالبه بأن يكون والدًا بحق، يتخلَّى عن رئاسة الحزب الوطني، ويكون أبًا لكل المصريين، فاحترامنا لموقع الرئاسة نابعٌ من أن المصريين يحرصون على أن يكون رئيسهم شخصيةً محترمةً؛ لهذا نطالبه بأن ينظر إلى أبنائه في السجون الذين ظلمتهم أجهزته الأمنية".


وجاء ذلك في معرض حديثه مع منى الشاذلي في برنامج العاشرة مساء يوم الأربعاء الذي أذاعته فضائية دريم الثانية.


وأوضح بديع – ضمنا- أن الإخوان يؤيدون "مطالب" محمد البرادعي دون أن يذكر هل تدعم الجماعة "شخص" البرادعي أم لا، قائلا: "نحن ندعم البرادعي فيما يطالب به، ومطالبه هي نفس المطالب التي ندعو إليها منذ سنوات، وهو لم يرشِّح نفسه حتى الآن، ولم يعلن ترشُّحه للانتخابات بعد، ونحن أبلغناه أننا نؤيده في مطالبه التي هي جزءٌ من مطالبنا".


ومن ناحية أخرى، كشف المرشد عدم اعتراض جماعته على ترشح جمال مبارك للرئاسة قائلا: "فليترشح جمال مبارك ببرنامج جديد يختاره الشعب على أساسه، بحرية ونزاهة، ويستطيع بعدها محاسبته على عدم تنفيذه هذا البرنامج"، كاشفًا عن أن جماعة الإخوان تركت لأعضائها حرية الاختيار بين المرشحين في الانتخابات الرئاسية الماضية.


وطالب بديع بمد جسور العلاقات بين الحزب الوطني وبقية القوى السياسية الأخرى قائلا: "أرجو أن يمدَّ الوطني يده إلى كلِّ أبناء مصر من كل الاتجاهات للحوار من أجل إنقاذ مصر".


ورفض المرشد التطرق للحديث عن أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني (أحد الشخصيات الأكثر جدلا في مصر) معتبرا أن الحديث عنه يندرج تحت بند التجريح في الأشخاص والهيئات وهو ما يتعارض مع تعليمات حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، مختتما كلامه عن عز قائلا: "الأكيد أنَّ تزاوج السلطة بالمال يفسد الإثنين".


الجمعة، 15 يوليو 2011

الفزع من الحرية

الفزع من الحرية


الفن والفكر والعلم سيرورة دائمة تعتمد علي‮ "‬النقد‮"‬،‮ ‬ولهذا‮ ‬يرهب خطاب التحريم من‮ "‬النقد‮" ‬ويعادية في‮ ‬الفكر والعلم والفن علي السواء‮. ‬تاريخ اضطهاد المفكرين والعلماء والفنانين‮ ‬يشهد بذلك‮. ‬
تحريم الفن في‮ ‬أي‮ ‬خطاب هو أحد تجليات الفزع من الحرية بشكل عام في‮ ‬الخطاب العام‮. ‬يتجلي هذا الفزع في‮ ‬ظاهرة تتميز بها مجتمعاتنا عن سائر المجتمعات‮. ‬حين‮ ‬يبدأ كلام عن‮ "‬الحرية‮" ‬يبدأ البحث عن‮ "‬الضوابط‮"‬،‮ ‬و"الحدود‮" "‬والمعايير‮". ‬يحدث ذلك قبل أن تبدأ الممارسة،‮ ‬التي‮ ‬هي‮ ‬وحدها الكفيلة بخلق المعايير والضوابط عبر الحوار والنقاش‮. ‬إن التفكير بالمعايير والضوابط والحدود قبل الممارسة هو بمثابة وضع العربة قبل الحصان،‮ ‬الأمر الكفيل بالتحرك إلي الوراء لا إلي الأمام‮. ‬دعونا نبدأ ممارسة الحرية أولا ولاتقيدوها منذ البداية بقوانين محكومة بأفق الانسداد الذي‮ ‬نعيشه‮. ‬إن ضوابط الدين والأخلاق والعرف والقيم ليست ضوابط مطلقة كما‮ ‬يتوهم ذوو النوايا الطيبة،‮ ‬بل هي‮ ‬ضوابط تتحكم فيها معايير السلطة وعلاقات القوة في‮ ‬المجتمع‮. ‬وفي‮ ‬المجتمعات الشمولية تتحدد المعايير والضوابط وفق مفاهيم السلطة المسيطرة‮. ‬وكل هذه الضوابط والمعايير المدعاة تستند إلي بنية تحتية عميقة فحواها أولا‮: ‬أن الحقيقة واحدة لا تتغير في‮ ‬المجتمع وفي‮ ‬الثقافة وفي‮ ‬الفكر،‮ ‬إنها حقيقة مطلقة لا تاريخية.ثانيا‮: ‬إن هذه السلطة التي‮ ‬تريد وضع الضوابط والمعايير هي‮ ‬وحدها التي‮ ‬تحتكر معرفة هذه الحقيقة‮. ‬إنه مفهوم‮ "‬الحاكمية‮" ‬الديني‮ ‬يتخلل الخطاب العام وإن تم التعبير عنه بمصطلحات أخري مثل‮ "‬الثوابت الاجتماعية‮" ‬و"الثوابت الأخلاقية‮"‬،‮ ‬و"الثوابت الدينية‮" … ‬الخ‮. ‬

نصر حامد ابو زيد


السبت، 16 أبريل 2011

اليوم السابع | إسلام بحيرى يكتب : الإخوان فى العراء

اليوم السابع | إسلام بحيرى يكتب : الإخوان فى العراء: "-

إسلام بحيرى يكتب : الإخوان فى العراء

الجمعة، 15 أبريل 2011 - 11:57

إسلام بحيرى إسلام بحيرى
Bookmark and Share Add to Google

احترت كثيرا حين بدأت أفكر فى الكتابة عن الإخوان من أين أبدأ من ثلاثة وثمانين عاما مضت من عمر هذه الجماعة..الجمعية..التجمع- سمها كما شئت - أم أن البداية الملحة يجب أن تكون من اللحظة الراهنة الضاغطة والحرجة التى يتصدر فيها الإخوان المشهد كل المشهد، يحتلون المقدمة ويتصدرون النتيجة..ففى المقدمة يتصدر الإخوان مشهد ثورة 25 يناير كلسان ناطق عنها ولها بعد أن مارسوا الاستيلاء الكامل عليها كعادتهم الأليفة والموروثة فى ادعاء بطولات لم يغمسوا يدا فيها على مدار تسعة عقود مضت أما فى النتيجة فيتصدر الإخوان الواجهة أيضا كأول وأكبر المستفيدين من نتائج ثورة قام بها الشرفاء ليس إلا طلبا للحرية، ولكن هذه الثورة فى المهد والنمو لم يكن لها رأس فانتحل الإخوان سريعا رأسهم ووجههم ليزرعوه عنوة على بدن ليس بدنهم، فاسترق الإخوان نتائج الثورة كقوة مزعومة تستعد لتولى مقاليد الأمور، فقد نشأت الجماعة ونمت فى كل أطوارها على عهود ومواثيق الآباء الأوائل فى مكتب الإرشاد الذين علموهم كيف يفوزوا بالجولة فتعلموا جيدا أن الدين هو الحزب الأهم وأن المتاجرة به فى العمل السياسى هى تجارة لن تبور.

وجه الإخوان على بدن الثورة
يجب أن يعلم الإخوان أن الطريق إلى ميدان التحرير لم يكن مبنيا على صفحة "كلنا خالد سعيد" أو غيرها فقط من الصفحات التى دشنت على الشبكة الاجتماعية، بل الحقيقة أنه طريق شاق ووعر بدأ منذ قرابة العقد فمن معارضة مشروع التوريث إلى نشوء حركة "كفاية" التى كانت تزأر وحدها فى الشارع مرورا بـ "شباب 6 أبريل" و"حركة 9 مارس"، والكثير من الشرفاء والمعارضين الذين كونوا هذا الزخم المتراكم عبر سنوات حين نزلوا إلى الشارع، حين أن كان النظام فى سطوته وجبروته ثم كانت الثمرة فى انتفاضة "25 يناير" التى تبلورت بعدها بدماء الشباب الطاهرة إلى ثورة مكتملة المعالم فى "28 يناير".

ولنا أن نسأل على مر العقد الفائت: أين كان الإخوان المسلمون من كل هذا الزخم الذى كان الوقود والمكون الحقيقى لـ"ثورة 25 يناير"..فقد كان الإخوان خانسين خاضعين إذا شاركوا على استحياء وإذا امتنعوا وهو الغالب الأعم قالوا إن مكتب الإرشاد يعرف مصلحة الجماعة ولم يكن الجميع يعلم حينها أن الإخوان يمارسون اللعبة القديمة فى بيع وشراء العملية الوطنية برمتها من عقد صفقات تحتية مع النظام المخلوع، كان الإخوان على مر هذه السنين يقبلون نعال النظام المنصهر ويجتمعون به بليل ليخرجوا نهارا معلنين عن وطنية مواقف مفصلة على مقاسات أحذية النظام السابق، وقد أكد هذه الصفقات شاطرهم الشاطر خيرت فى لقاءات تليفزيونية معلنا فى انسيابية أن هذه الصفقات التحتية كانت معلومة ومعروفة بين النظام والإخوان وكأنها من طبائع الأمور، وذلك بالطبع قبل فضيحة الاستقالة المسببة للقيادى الإخوانى "هيثم أبو خليل".

وذلك ليس بغريب بل إنه الوجه الحقيقى للإخوان الذين تعلموا من الآباء المؤسسين أن يعارضوا سيف المعز علنا ويقبلون خفية بذهبه، وقد جاءت ثورة "25 يناير" لتؤكد على دأب الإخوان ووطنيتهم المسعرة دوما بثمن بخس فمع بدايات الدعوة للنزول إلى الشارع فى "25 يناير" أكد الإخوان فى تصريحات موثقة ومسجلة أن الجماعة لن تشارك فى هذه التظاهرة - وقت أن كانت ما تزال تظاهرة- ولكن الإخوان وكعادتهم ينتظرون الثمرة حتى تطيب وتلقى إليهم خالصة سائغة، فبعد جمعة الغضب حيت استدارت معالم التظاهر واستحالت إلى ثورة مكتملة، وبعد أن دفع الشباب فى كل محافظات مصر دماءهم وحياتهم من أجل الحرية.. هنا فقط قرر الإخوان القفز على الفريسة وجنى الثمرة وانتحال الشرف -كما عهدوا- فنزلوا للشارع حين دنا إلى مخليتهم حلم الآباء الكهنة منذ عقود بتمكين الإخوان فى الأرض، ولكنهم لم يكتفوا أو يرتضوا بالمشاركة، ولكنهم استحضروا مهاراتهم الأثيرة من الزيف فبدأت الأخبار تتواتر كبالون اختبار أن الإخوان ساعدوا الثورة ثم تحولت المساعدة أن الإخوان شاركوا فيها منذ البداية ثم انتهت إلى متحدثهم الرسمى "العريان" ليقول بملء شدقيه فى برنامج أسبوعى على قناة مصرية، خاصة أن مؤسسى صفحة "كلنا خالد سعيد" هم الإخوان فأحدهم عضو منتظم فى الجماعة والآخر ـ يقصد وائل غنيم ـ كان متعاطفا ولكنه لم ينضم للجماعة, وبالطبع هذا كلام "العريان".

هكذا بسذاجة مألوفة وفجور معهود فى الزيف والادعاء أصبحت الجماعة التى أعلنت عدم مشاركتها على لسان "العريان" أيضا هى مفجرة الثورة وصانعتها، وهذا ليس زيفا فقط باستراق شرف صفحة "كلنا خالد سعيد" التى لا شك كان لها دور مؤثر فى الحشد ولكنه زيف أكبر حين أهدر الإخوان كل هذه السنوات والتضحيات التى تأدت فى النهاية إلى ميدان التحرير هذه السنوات التى كان الإخوان يعقدون مع النظام صفقات التزوير المتاح فى انتخابات مجلس الشعب، ليصدق المخدوعون والبسطاء أن الثورة إخوانية أو على الأقل أنه لولا الجماعة لماتت فى مهدها، وهكذا سلسلة معقدة من الكذب والخداع والزيف والنفاق المتواصل بشكل يصعب تصديقه لا ينقطع من حتى ليجعلك تحتار أى الكذبات هى أكبر من أختها.

ولم يكتف الإخوان بالسطو على الثورة عنوة والاستيلاء عليها اغتصابا، بل أراد القدر أن يفضحهم على أيدى أحد قياداتهم الفاعلة من خلال الاستقالة المدوية للعضو البارز فى الجماعة "هيثم أبو خليل" الذى كانت أسباب استقالته هى فضيحة بكل المقاييس فناهيك عن تأكيده عن صفقات الجماعة الشريفة الوطنية مع النظام فى السنوات الأخيرة حول الانتخابات إلا أن ما سرده حول مقابلة سرية لأعضاء الجماعة فى أوج اشتعال الثورة التى استشهد فيها زهور من شباب وشابات مصر لقاء جمع الإخوان الشرفاء الوطنيين مع النائب حينها "عمر سليمان" لعقد صفقة مع النظام لإجهاض الثورة، وذلك مقابل فتات يعود عليهم من اعتراف بالجماعة والسماح لهم بإنشاء الحزب الذى حلموا به لتسعة عقود.

هؤلاء هم الإخوان الذين يبيعون الدماء لمصلحتهم ولولا اختلاف المصالح لنجحت الصفقة.. هؤلاء هم الإخوان على وجههم الراسبوتينى الحقيقى ثلاثة وثمانون عاما من الإفساد والكذب والخديعة والإيهام والنفاق والمداهنة والخنوع والتسلق والتملق والادعاءات المسروقة والبطولات الزائفة والتاريخ المفتعل والأكل على موائد الجميع والتستر بالدين والوصولية والانتهازية وخيانة العهود والسطو على منجزات الآخرين.

الإخوان بين مرحلتين:
ولذلك فقد وجب أن نوضح أن الإخوان الآن بين مرحلتين هامتين نستطيع أن نفرق بينهم بوضوح الإخوان ما قبل "25 يناير" والإخوان بعدها.

الإخوان قبل "25 يناير":
بالطبع لن نتحدث عن تاريخ طويل ومشوه امتلأت به تسعة عقود من تاريخ مصر والعالم العربى والإسلامى بهذه الجماعة، ولكننا فقط نستلهم دروس الماضى لنقرأ المستقبل فى هذا التوقيت الحاسم من تاريخ مصر والمنطقة.

فلا شك أن تطاول العمر بهذه الجماعة لثلاثة وثمانين عاما لم يكن حصاد فكر رصين أو مبادئ سامية أو تاريخ مشرف -والعياذ بالله- ولكن الإخوان ككل البقع الجرثومية تنمو وتستطيل فى بيئة صالحة تتوافر فيها مزايا محددة لتظل على قيد الحياة، وقد لعبت المصادفات دورا هاما فى بقائهم أحياء دون تعفن طيلة هذه السنوات وذلك لتوافر عاملين لا ثالث لهما، الأول هو المطاردة والتعقب، فهذه المطاردة التى يشكو منها الإخوان فى بكائياتهم ومرثياتهم إنما هى أكبر بيئة غذت ونمًّت وساعدت الإخوان على البقاء وهم يعلمون جيدا أن ذلك هو السبب الأكبر فى استبقاء الحياة فى جماعة كهذه، فبيئة الاضطهاد والمطاردة منذ الأربعينيات حيث كان الإخوان يفجرون ويقتلون ويغتالون وأيضا يلعبون اللعبة ذاتها على كل الموائد من الإنجليز إلى غيرهم، مرورا بعصر يوليو الذى لم يفلح فيه الإخوان فى سرقة ثورة جمال عبد الناصر فقرروا اغتياله وكأنهم يستجدون ويستنفرون عودة عصر المطاردة والتضييق لأنهم أحسوا مع فورة حماس الشعب لثورة يوليو أن الجماعة فى طريق الموت السريرى، وللأسف فقد أهداهم نظام عبد الناصر ما يريدون ليظلوا أحياء يدعون الشهادة والجهاد، وصولا لحقبة السبعينيات الذى أعطى فيها السادات -سامحه الله- يدا للجماعة بعد أن أشار عليه أحدهم بضرب اليسار الماركسى باليمين الإسلامى، فكان أن ضرب السادات دون أن يدرى مصر كلها فى مقتل، وأعاد الحياة للإخوان وأخرجهم من الجحور فما كان منهم إلا أن تلقح رحمهم من الوهابيين السلفيين فأنجبوا ابن الزنا فكانت الجماعات الإسلامية التى فى النهاية قضت على السادات نفسه، وقد كان التزاوج بين الإخوان والوهابيين فى السبعينيات إنما كان عودة لبلد المنشأ التى رعت الفكرة فى أولها بالمال لتكون الجماعة يدا للوهابيين فى مصر قبل منتصف القرن السابق، ولكن التزاوج انفض مع الوهابية بعد ذلك لخلافات لا يتسع المقام لشرحها، ثم وصل الإخوان لعصر مبارك وكانوا قد تعلموا لعبة الديمقراطية التى أعجبتهم بعد الخلاف مع الوهابيين، ولأجل أسلمتها اخترع الإخوان الأدبيات التى تقرن بين الديمقراطية والشورى فى الإسلام وهى كذبة من الإسلاميين لا مجال لمناقشتها الآن فلا علاقة بين الشورى والديمقراطية بحال وعلى هذا ولجت الجماعة إلى عصر مبارك بعد أن أعطاهم هو وأمن دولته نفس الإكسير الذى يحييهم، فقد أعطاهم النظام المخلوع ذات المطاردة والتعقب والتنصت وكل الوسائل التى يسعد بها الإخوان بشدة ويزدادون بها انتفاخا لأنهم ينمون ويتغذون فى هذه البيئة فقط فالإخوان لا يعرفون ولا يمكنهم العمل فى الضوء بل هم لا يعرفون إلا العمل بليل فإذا ما سمح لهم بالعمل تحت الضوء شلت حركتهم وقضوا نحبهم، لذا فهم على مر العصور يسعون إلى استنفار هذه المطاردات لأنها تمثل روح العمل فى هذه الجماعة المريضة وهو ما وضعهم فى أزمة كبيرة بعد ثورة "25 يناير"، كما سنوضح.

أما العامل الثانى الذى مثل البيئة الصالحة لنموهم فهو الجهل، جهل العامة من البسطاء وفطرتهم القريبة دوما من الدين وكان هؤلاء البسطاء والأتباع هو وقود الإخوان على مر العقود، فمن اليسير أن تتقرب للبسطاء بستار الدين الذى تضطهده الدولة مع استعمال أدوات العمل المسرحى والحبكة الدرامية من إعفاء اللحية والمساعدات المالية ورفع الشعارات الدينية البراقة مثل تحكيم شرع الله وإقامة الدين وما إلى ذلك، فتلين الثمرة لهم، وما شعار الإخوان إلا مثال صارخ على هذا فقد كان الإخوان فى بداياتهم ومن لزوم ما يلزم يرفعون شعار السيفين المصاحبين لكلمة "وأعدوا" وهى استلهاما من الآية القرآنية "وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّه وَعَدُوَّكُمْ" التى يأتى سياقها القرآنى فى الكلام عن عدو الله، فقد كان الظرف التاريخى المدعى حينها أن الإخوان يرفعون شعار "وأعدوا" فى مواجهة المحتل الكافر، ولكن الغريب أن الإخوان ظلوا يرفعون الشعار "وأعدوا" فى وجه كل المخالفين فظل هذان السيفان الغبيان مشهرين فى وجه الجميع ولا نعلم فى الحقيقة لمن يعد الإخوان عدتهم فى كل هذه السنوات إلا لو كنا جميعا من أعداء الله طالما نحن خارجون عن إطار جماعتهم المريضة, وفى هذه البيئة المساعدة من خلال العاملين الأساس مطاردة الإخوان وجهل البسطاء استمرت الجماعة فى الوجود اللا دينى واللا سياسى، فالحقيقة أن الإخوان لم يقدموا تعريفا لهم طوال هذه السنوات فهل هم رجال دين فأين هم العلماء فى مكتب الإرشاد وأين دورهم الدعوى بل إن المرشد العام للجماعة لا يحسن حتى الكلام الصحيح بالعربية الفصحى، أم هل الإخوان رجال سياسة وحكم فأين هى رجالاتهم فى هذا الباع فلم نجد لهم أثرا يذكر..

إذن فالسؤال الذى يلح فى المرحلة الثانية للإخوان ما بعد "25 يناير"، من هم الإخوان وما هو مفهوم الجماعة؟

الإخوان بعد "25 يناير":
بدأ الإخوان عصرا جديدا بعد نجاح ثورة "25 يناير" ولنترك الآن الاستيلاء على الثورة كوضع على الأرض وننظر بروية فى السطو على نتائجها ومكتسباتها، فلم يكن موقفهم من الاستفتاء على التعديلات الدستورية إلا تعبيرا صريحا عن موقفهم حين يكونوا على الساحة وحدهم، فإقصاء الآخر ونفيه وتسفيه رأيه والتعصب لما يريدونه هو أول ما كشف به الإخوان عن وجههم المغاير للرقة والوادعة والديمقراطية وقبول الآخر، هذا بالطبع إلى جانب الاعتقاد الذى بثته الجماعة عن عمد أن الاستفتاء على التعديلات الدستورية استفتاء على قوتهم الحقيقية على الأرض، فلا يعتقد أحد أن الإخوان كانوا يبحثون عن مصلحة مصر فى الصندوق فالإخوان لا يعرفون إلا الإخوان، وكما هى أصول اللعبة فقد أحب الإخوان أن يستعرضوا قوتهم المزعومة فلجأوا إلى دأبهم فى خلط الدين بالسياسة وكان البسطاء كالعادة أيضا هم وقودهم الذى لا ينضب فأصبحت "نعم" و "لا" ليست على التعديلات الدستورية، ولكن "نعم" هى نعم للدين و"لا" هى اعتلاء مصر من العلمانيين والليبراليين وهذه المصطلحات التى يخشاها البسطاء لأنها مصطلحات تعنى فى النهاية عداء للدين، كما صور الإخوان بالتعاون من وكلاء الواهبية فى مصر أصحاب "غزوة الصناديق"، ولم يعِِ الإخوان الفخ الذى انتظرهم فى الصناديق ولم يدركوا أن أيا ما انتهت إليه النتائج هى هزيمة للجماعة على كل الأحوال فـ"نعم" هزمت الإخوان قبل أن تهزمهم "لا"،لم يفهم الإخوان أن تعصبهم واستعلاءهم ما قبل الاستفتاء وإصرارهم على إقصاء الرأى الآخر ولجوءهم للوسائل المعروفة من خلط الدين بكل شىء هى تعرية لهم كنا ننتظرها منذ زمان، نعم وقف الإخوان فى العراء وحدهم مع الصناديق، وقفوا ولم يلحظوا أن سوءة الجماعة تعرت لكل من له عينان.. وكان لهم لما أرادوا من أغلبية "نعم" وكان لنا ما أردنا من سلخ جلد الثعلب وظهوره فى العلن، فقد ظن الإخوان ظنا مكذوبا أن نجاحهم فى الحشد للاستفتاء هو مؤشر على تحقيق حلم الآباء المؤسسين بالحشد لما هو أكبر من الاستفتاء، فقد وقف الإخوان فى العراء حين لم يجدوا حرجا فى اللعب بورقة المادة الثانية عند البسطاء لكى يحشدوا حشدهم فتكون النتيجة ظاهريا لمصلحة الوطن وتكون النتيجة باطنيا لمصلحة ترسيم القوة الخارقة للإخوان لأنهم لا يعرفون إلا مصالح الجماعة لا يعرفون مصلحة مصر، بل لا يعرفون مصر من الأساس وذلك تبعا للمبدأ العظيم الذى أرساه مرشدهم المنتهية صلاحيته "مهدى عاكف" فى حواره مع الصحفى المحترم سعيد شعيب عندما قال جملته الأثيرة التى تعبر عن مبادئ الإخوان "طز فى مصر وأبو مصر واللى فى مصر"، فإذا كان ذلك كلام المرشد الذى يجب الثقة فيه ثقة عمياء واتباعه فى المنشط والمكره –حسب منطوق قسم الانضمام للجماعة- فما حال الأتباع إذن، ولكن المعضلة الأكبر من سطو الإخوان على الثورة وعلى ونتائجها هو الأمل الذى يحدوهم بعد هذا الانتفاش المكذوب أن يتم الاستيلاء على مصر كلها وهى أضغاث أحلام بدأت تداعب رجال الجماعة أقصد أعضاء الجماعة، فماذا لو تخلينا أن الإخوان قفزوا على سدة الحكم فى مصر.

الإخوان حين يمدون أعينهم إلى الكرسى:
بدأ الإخوان، بعد الانتصار "نعم" فى الاستفتاء، حديثا ناعما ودودا عن شعارهم المزيف "مشاركة لا مغالبة" وبدأت ألسنتهم على الشاشات وفى الصحف تتكلم عن ترشحهم على عدد قليل من الانتخابات البرلمانية المنتظرة وأنهم ولله الحمد والمنة لن يفكروا فى الترشح لمنصب الرئاسة "الآن" وكأن القوة المنتفشة وهم قد صورت لهم أن واحدا من الإخوان لو ترشح فباب القصر مفتوح له، ولا أعلم سر هذا الاستعلاء الإخوانى رغم أن الدلائل تحمل لهم فى قادم الأيام ما لن يسعدهم كثيرا، ثم بدأت اللهجة تتغير مع كل تعرية للإخوان فى وسيلة إعلامية أو غيرها فزادت حدة التعالى وغير الإخوان خططهم وقالوا سنترشح على نصف مقاعد المجلس النيابى القادم، ثم أخذتهم السكرة ولما لا؟ لماذا لا نركب على الكرسى فى سبيل إقامة شرع الله، وحينها دشنت تمثيلية استقالة "عبد المنعم أبو الفتوح" ولكنهم بعد استقالة "هيثم أبو خليل" رأوا أن استقالة "أبو الفتوح" ولو كانت مصطنعة إلا أنها ستضربهم فى مقتل، فبدأت الخطة الثانية أن يعلن "أبو الفتوح" كبالون اختبار أنه يفكر فى الترشح للرئاسة مستقلا عن الجماعة، وذلك حتى يحققوا النموذج الإيرانى حين نرى رئيس مصر يقبل يدى مرشده العام أو الأعلى –سيان- وذلك ما بشر به فى تسجيل مصور العائد من بيته اللندنى "كمال الهلباوى" حين أكد أمام المرشد الأعلى للثورة الإيرانية أن الإخوان يرغبون فى تطبيق النموذج الإيرانى فى مصر وأنه يجب-لاحظ كلمة يجب- أن تقوم أنظمة إسلامية على أنقاض الأنظمة التى بادت، وهنا تشتبك الخيوط عند الجماعة ويظهر أن شعار "المشاركة لا المغالبة" هو واحد من ألف كذبة تعاهدوا وتعودوا عليها طيلة تسعة عقود، وهنا تتضح الكذبة الأكبر التى يدعيها الإخوان والمسماة "الدولة المدنية" التى لها تعريف خاص عند الإخوان.

بالطبع فالإخوان لهم قاموس خاص بهم فهم يتناقضون بين يوم وآخر بل بين لحظة وأخرى وبين شخص وآخر، فكل إخوانى له رأى غير أخيه ولكنهم إخوة فى الإخوان، فهذه الجماعة المريضة تربت على اللا مبدأ وهو المبدأ الذى شربوه ووعوه من السدنة الكبار، فالإخوان حين تسألهم ما هو تعريف الجماعة للدولة المدنية أو ما هو دور المرأة فى هذه المجتمع وما معنى تطبيق الشريعة وما معنى المواطنة فى نظر الجماعة وما موقف الجماعة من الفن والرياضة والاختلاط وما هى الديمقراطية فى تعريفهم وكل الصف الطويل من الألغاز، ستجدهم يهيمون ويدورون ويصعدون ويهبطون وتدور أعينهم كالذى يغشى عليه من الموت وفى النهاية لن نجد إجابة واحدة لها معنى محدد عن هذه الأسئلة، جماعة احترفت التضليل والكذب والتقية قرابة تسعين عاما، كل يوم برأى وكل وضع بحال، فالإخوان لا مبادئ لا عقل لا وضوح لا شفافية لا مشروع لا حقيقة لا منهج لا طريق لا طريقة لا اعتقاد لا جماعة لا جمعية لا حزب، الإخوان لا شىء على الإطلاق، ولما تفتأت أذهانهم على لعبة الحزب الهزلى المسمى "الحرية والعدالة" وجدنا نفس التضارب فيخرج مرشدهم البديع ليقول لا نرشح فى الحزب المرأة والقبطى.. فى تمييز واضح وردة عن فكرة المواطنة والحقوق المتساوية وكأنه يؤكد على اسم الحزب، فأى حرية وأى عدالة هذه.. ولكن لا يجب أن نندهش فهذه الحرية والعدالة والمواطنة والحقوق فى قاموس الإخوان فقط، وبعدها أحس الإخوان بحجم الكارثة التى قالها "البديع" فخرج أحدهم كالعادة لينفى ويقول سنراجع الآراء الفقهية من ناحية ترشح المرأة والقبطى، ولن نعقب على ذلك فمكانه فى مقالات قادمة نختلى فيها بفكر الإخوان.

فماذا بعد كل ذلك لو تخيلنا فى ليل بهيم مظلم أو فى نهار أسود حالك أن الإخوان قد صعدوا على كرسى الحكم فماذا نتخيل، سينتهى دور مصر على كل الأصعدة سينتهى هذا البلد ثقافيا وسياسيا واجتماعيا وحربيا وعلميا واقتصاديا ورياضيا وإنسانيا، بل ستنتهى مصر من الأساس فلا فن ولا ثقافة ولا حرية ولا تعليم ولا دستور ولا قانون ولا إبداع، ستقزم مصر الإخوانية وسيكون أكبر انتصار لمصر أن تقفل المحال التجارية ساعة الصلاة، وأن يفرض الزى الشرعى على النساء جبرا، وستدشن ولله الفضل والمنة جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ولنا كمثال حى فى دولة غزة الحماسية الإخوانية المتحدة المثل والقدوة، فحكومة حماس الغزية التى أقسمت علنا فى مؤتمر عام بقسم الإخوان المسلمين وعلى الولاء والطاعة لهم وتركت الانتماء لفلسطين الأبية، هذه الحكومة الإخوانية تركت الرصاص والعذاب يصب على رؤوس الغزيين صبا ولكنها ولله الحمد استطاعت أن تحقق انتصارات أكبر من الانتصار على العدو الصهيونى، فقد استطاعت أن تفرض الحجاب حتى على البنات فى المرحلة الابتدائية كما استطاعت أن تمنع الأرجيلة "الشيشة" من على أفواه النساء وقررت بعزة واقتدار أن تغلق المحال السافرة التى يحدث فيها الاختلاط المحرم.. هذه هى حماس وهؤلاء هم الإخوان لا مانع أن تحترق الدنيا ولكن شعر النساء وأجسامهم وتعليبهم فى البيت هو أقصى أمانى الإخوة فى الإخوان، وما مصير مصر من ذلك ببعيد.

أما إذا سأل سائل وقال: طالما هناك ديمقراطية فلما لا نحرمهم من الكرسى –إن وصلوا له- بعد أربع سنوات فننتخب غيرهم، ونقول لهم، الديمقراطية لها تعريف خاص عند الإخوان فهى للاستعمال المنفرد كمرة أولى وأخيرة، فمن يعتقد أن الإخوان لو ركبوا على الكرسى سينزلوا مرة أخرى وينصاعوا للصناديق فهو واهم، فساعتها سيعود التزوير من جديد ولكن هذه المرة ليس من أجل الحاكم الإله ولكن من التزوير من أجل الله سيكون حقا، سيزرع الإخوان أبضاعهم فى كل مكان وسنجد المزور على الصندوق من أصحاب اللحى ولو سألته لماذا تزور سيقول لك من أجل أن يظل شرع الله يحكم به فى الأرض ولا يحكمنا العلمانيون والليبراليون الكفار "كما الاعتقاد الذى يشيعه الإخوان"، هكذا هو التماهى والتلازم عند البسطاء بين وجود الإخوان فى الحكم والحكم بالشريعة، ولنقس على صندوق الانتخاب حينها كل مرافق الدلة بلا استثناء، وحينها سترفع كلمات المرشد المنتهى صلاحيته "مهدى عاكف" التى يجب أن نتذكرها جيدا حين قال "الإخوان لو وصلوا للحكم سيضربون المعارضين لهم بالجزمة"، ولما لا وقد خرج علينا "العريان" منذ أيام بلهجته المتعصبة منذرا ومهددا بأنه إذا لم تكف وسائل الإعلام عن مهاجمة الإخوان فإنهم سيتعرضون للمساءلة الجنائية والمساءلة السياسية والمساءلة الشعبية أيضا، نعم هكذا قال "العريان" فهذا حالهم وهم لا يزالوا لا يملكون من مصر شبرا فما الحال لو استقروا على الكرسى.

فلا ..لن يحكم مكتب الإرشاد مصر ولا حتى فى أضغاث أحلامهم، ولن تلبس مصر النقاب، فسيقصى العقلاء فى هذا البلد العظيم وما أكثرهم الإخوان، ولكنه إقصاء من نوع آخر، إقصاء بأن تتوقف المطاردة الأمنية فيجدوا أنفسهم محرومين من العمل بليل الذى لا يعرفون غيره، إقصاء بألا يترك البسطاء فريسة سهلة للإخوان، إقصاء لا يعتمد إلا على كشفهم وتعريتهم.

من أجل ذلك فأنا أبشر المتوجسين من الإخوان..اطمئنوا لن تكون مصر دولة دينية ولن يحكمها الإخوان يوما لأنهم يعيشون ويتغذون على المطاردة لكن ما لم يعهده الإخوان أن تتوقف هذه المطاردة بعد أكثر من ثمانين عاما توقفا سيكشف أنهم ليسوا إلا تجارا يبيعون الدين ويسوقونه كسلعة مطلوبة يستزيدون لها من الراغبين ليصلوا على جسدها للحكم..وخطأ يعتقد الإخوان أن تحقيق حلم الآباء المؤسسين والكنهة الأوائل بحكم مصر قد اقترب وبات على مرمى حجر وأقول لهم ناصحا..أنتم فى طريقكم للزوال لو كنتم تعقلون.

البديل | البديل » أحمد سمير: الرائع عبد المنعم أبو الفتوح لا يصلح للرئاسة لأنه إخوان

البديل | البديل » أحمد سمير: الرائع عبد المنعم أبو الفتوح لا يصلح للرئاسة لأنه إخوان:
"-

أحمد سمير: الرائع عبد المنعم أبو الفتوح لا يصلح للرئاسة لأنه إخوان


عبد المنعم أبو الفتوح لا يصلح للرئاسة،هو شخص رائع لكنه عضو في الإخوان. ليس لدى إخوان فوبيا، ولكنى ــ فقط ــ اشترك في الرأي مع مجلس شورى الجماعة. الإخواني لا يصلح للرئاسة الآن..
شورى الإخوان لا يضم الحاقدين على الجماعة، ولكنه أدرك أن هناك تخوفات من الخطاب الإخواني قد تدفع لاصطفاف يكرر تجربة الانقضاض على الديمقراطية جزائر92، أو لنجاح انتخابي يقابله رفض خارجي كما حدث في فلسطين 2006.
يمكنك كمتعاطف مع الإخوان أن تردد “نحن دعوة إسلامية رائعة والنظام شوهنا”، هذا سهل، لكن الأصعب مراجعة الخطاب الذي صنع الخوف من الإخوان مثل:
1 ـ شروط العضوية: الجماعة الآن تختار أعضائها، فمن يريد الانضمام يمر بمراحل المحب والمؤيد، وإما يجتاز المراحل أو يستبعد لملاحظات أخلاقيه أو تنظيمية، كلام لطيف لجماعة دينية، لكن كيف تريد أن “تحكمني” وأنا لا استطيع الاشتراك معك في مشروعك للنهوض بمصر، هل سيكون دوري أن اذهب بحماس لانتخابك كل خمس سنوات.
لا توجد جماعة تطرح نفسها للحكم تختار أعضائها، و”وجهة نظر” لجنة مؤيد لا يمكن ان تكون هي من تقرر من يشارك في حكم وطن لابد من معايير لائحية واضحة للانضمام.
2 ـ الصبغة القانونية: جماعة الإخوان لم تتقدم بأي طلب لتكون جماعة قانونية.. تقول لي القوانين بالية.. جميل إذن نغير الجملة .. جماعة الإخوان لم تتقدم بأي طلب لتغيير القوانين البالية لتعمل في إطار قانوني من خلال جمعية مشهرة… صدقني هذا مثير للذعر.
أنا وأنت نعلم أن هناك قاعدة اخوانية اسمها “جهرية الدعوة وسرية التنظيم”، لكن أنا سافل وقليل الأدب ولا أريد تنظيم سري يحكمني.. اعتقد ان الكثيرون على نفس القدر من قلة الأدب هذه.
تريد أن تحكم هذا حقك، لكن عليك تقنين وضعك، لا تخدعني بثرثرة حول أن الجماعة لم تحل أصلا.. يقلقني هذا العبث ويسرب لي شعور انك تريد أن تحكمني وأنا مازلت لا افهم كيف تدفع اشتراكك الشهري وكيف تطعن في فصلك من العضوية ..كيف اثق فى ادارة وطن لمن لا اعرف كيف يدير شئونه الداخلية.
3 ـ الشعار الانتخابي: شعار الإسلام هو الحل ليس من ثوابت الإسلام ، وإذا كان الشعار يعرف الناس بفكرة الإخوان فمرحبا، أما إذا كان يدفع للتساؤل : لماذا تحتكرون شعار إسلامي بينما منافسوكم في الانتخابات اغلبهم مستقلون لا يحملون عداوة للفكرة الإسلامية فالأمر يحتاج مراجعة.
4 ـ شعار الجماعة : ما شعار الإخوان ؟ تقول لى سيفين ومصحف واعدوا.. إجابة خاطئة، شعار الجماعة هلال ومصحف، وعام 1947 تغير الشعار بسبب الحشد لحرب فلسطين، فتم استبدال الهلال بسيفين واعدوا.. اعدوا كانت هنا لليهود. عقب الحرب استشهد البنا ثم اشتعلت الخلافات حول المرشد الجديد، وبعد عدة أعوام لم يكن مقبولا إلغاء شعار يرمز للقوة أمام سلطه تحاول استئصال الجماعة.
كان لابد من العودة للشعار”الأصلي”خلال التأسيس الثاني للجماعة في السبعينات، ولأنه لم يحدث تم استبعاد الشعار من الحملات الانتخابية والبيانات، فلا يعقل أن تتنافس معي في انتخابات اتحاد طلبة الكلية ويكون شعارك اعدوا، سأتصور انك تعد لي.. فما جدوى شعار أنت نفسك تتجنبه؟ ..شعار الإخوان لا يظهر أمام يهود ولكن أمام مصريين ينافسون الإخوان كالوسط واليسار والوفد.
تقول لي هناك تطوير، أصدقك.. لكني لا استوعب لماذا لا تشارك في هذا التطوير، افهم أن تعترض على كل ما كتبت لأنك غير مقتنع به لكنى لا افهم الاعتراض لمجرد أن قيادة الجماعة لم تقرر.
تناقشت مع شاب إخواني ونحن في التحرير حول كامب ديفيد فأكد لي أن الاعتراف بها غير جائز.. ممتاز واحترم رأيه.. بعد أيام أفاجأ به يحدثني عن حكمه قرار الجماعة بالاعتراف بكافة المعاهدات ، و يتكرر الأمر عندما تناقشت مع أخر عن رئاسة القبطي والمرأة فيدافع باستماتة وبعد أيام يحدثني أن البرنامج الجديد الذي استبعد هذه النقاط سليم و”الإخوة الكبار” يعرفوا أكثر.
اعذرني.. هذا ليس انضباط تنظيمي لكنه عبث، هناك فارق بين الالتزام برأي الجماعة و بين ذهنية تبرر كل شيء، احترم ثقتك في قيادتك لكن عليك أن تقرر هل تريد أن تشارك بقية المصريين في مشروع لنهضة مصر من خلال حركة علنية مفتوحة أم أن همك الحفاظ على “تنظيم” مغلق تثق أنت به وتراه ربانيا نقيا.
عزيزي الاخوانى..
انتم لا تصلحون ــ الآن ــ لرئاسة الجمهورية، لا أبو الفتوح ولا العريان ولا أي منتمى للتنظيم بشكله الحالي، ليس لأني اصدق هراء “الإسلاميون أشرار بالفطرة” ولكن لان هناك مشاكل موضوعيه عليكم علاجها أولا

الأربعاء، 2 مارس 2011

Dar Al Hayat - الأقباط المصريون بين ثورتي 1919 و2011

Dar Al Hayat - الأقباط المصريون بين ثورتي 1919 و2011
عصام عبدالله *

على أرض مصر يعيش شعب واحد يتكون من غالبية تدين بالإسلام وأقلية مسيحية. وهذه الأقلية ليست عرقية أو سلالية (اثنية) أو لغوية، وهو الأمر الذي ميّز شعب مصر بدرجة عالية من التماسك والاندماج الاجتماعي. وساهمت مشاريع بناء الدولة المدنية الحديثة في مصر منذ القرن الـ19، في صياغة نموذج متقدم للتكامل بين المسلمين والأقباط، خصوصاً في عصر محمد علي، ما أدى إلى تولي اثنين من الأقباط منصب رئيس وزراء مصر عام ١٩٠٨ وعام ١٩١٩، وتولي قبطي رئاسة مجلس النواب، فضلاً عن الكثير من الوزراء الأقباط في الحكومات المتعاقبة قبل 23 يوليو 1952. لذلك لم يكن مستغرباً عند كل احتقان طائفي يلوح في الأفق أو فتنة تقع بالفعل على أرض مصر بين 1952 – 2011، أن ينشط الحديث عن الوطن الواحد، وحقوق المواطن ووضع الأقليات، وأن تسارع السلطات باستحضار وحدة الهلال والصليب أثناء ثورة 1919، وشعارها الأثيري: «الدين لله والوطن للجميع».

منذ سبعينات القرن الـ20 تفننت السلطة السياسية – الدينية في مصر في تحويل «أنصاف الاعتقادات» عند العامة إلى «اعتقادات تامة»، ومن ثم عرضت جميع المفاهيم الدينية لخطر التيبس والتحول إلى مجرد مظاهر خارجية. وأصبح الميل إلى تطبيق التصورات الدينية، في جميع الأوقات وعلى كل الأشياء، مظهراً عميقاً لحياة التدين الشكلي.

ويدل التنامي الذي لا حد له للمحرمات والتابوهات وانتشار الفتاوى والتفسيرات الدينية على زيادة في «الكم» على حساب «الكيف» نفسه، وهو ما جعل الدين مثقلاً أكثر مما ينبغي، بينما تراجعت القيم الأخلاقية – بشهادة الجميع - إلى أدنى مستوى لها. وسط هذا المناخ المشبع بالحساسية الدينية، أو قُل الهوس الديني، ضاع «الوطن» وضاعت المواطنة وتحلل التماسك الاجتماعي وتفكك النسيج الواحد الذي ظلت مصر تتباهى به قروناً وسط شعوب المنطقة والعالم. أصبحت الدولة المصرية تعيش «حالة فريدة»، في نهاية القرن الـ20 والعقد الأول من القرن الـ21، لا هي دولة مدنية خالصة ولا هي دولة دينية كاملة. وبين استغلال الدين في العمل السياسي، للوصول إلى الحكم، واستغلال النظام السياسي للدين لترسيخ السلطة حتى ولو كانت منفردة، تحقيقاً لأهداف سياسية وحزبية، لم تستطع تحقيقها بالوسائل المدنية، يمكننا أن نستكشف مصادر المياه الجوفية التي كادت أن تفتك بالوطن الواحد.

الأخطر من ذلك هو الإصرار «المريب» في التعامل مع «القضية القبطية» أمنياً وليس سياسياً، وهو الذي جعل الأمن طرفاً أساسياً في كل الأحداث الطائفية، منذ أحداث أخميم عام 1970 وحتى تفجير كنيسة «القديسين» عام 2011. بدأ ذلك في عهد الرئيس السادات بإهمال التقرير «العمدة» للدكتور جمال العطيفي عام 1972، ثم التسويف في التعاطي مع المشاكل الملحة والعاجلة للأقباط في عهد الرئيس مبارك، كقانون الأحوال الشخصية وقانون بناء دور العبادة الموحد وقانون عدم التمييز الديني، وكلها ركائز تدعم فكرة المساواة الاجتماعية وترسخ مبدأ المواطنة. لكن، ماذا حدث مع فجر 25 كانون الثاني (يناير) 2011؟ كيف تمرد المصريون على السلطة السياسية – الدينية (الرسمية)؟ وهل اختلف الدور الوطني للأقباط في ثورة 2011 عن دورهم في ثورة 1919؟ وهذه بعض الحقائق التي قد تضيع في خضم الأحداث السريعة المتلاحقة، بصفتي مواطناً مصرياً مسيحياً شرّفه شباب 25 يناير باختياره كأحد أمناء مجلس الثورة، وحملوه مسؤولية كبيرة في الدفاع عن مطالبهم وحماية الثورة:

أولاً: لقد اكتشف الأقباط أنفسهم في ثورة 25 يناير كغيرهم من المصريين، وأصبحوا للمرة الأولى أقل استعداداً لطاعة قيادتهم الدينية، التي أعلنت رفضها للتظاهر، بينما كان القس سرجيوس يخطب في المتظاهرين في ساحة الجامع الأزهر في ثورة 1919، وهو تحول جديد يشير إلى أن الأقباط في ثورة 2011 رفضوا بالإجماع كونهم «طائفة دينية» مسؤول عنها سياسياً البابا، بل أعلن الأقباط للعالم بخروجهم في التظاهرات واستشهاد بعضهم واختلاط دمائهم بدماء إخوانهم المسلمين، أنهم مواطنون مصريون وليسوا مجرد «رعايا» بمفهوم الدولة الدينية، ما يعني التعامل مع قضيتهم منذ الآن فصاعداً كقضية سياسية تخص المصريين على أرضية المواطنة.

ثانياً: على مدى 18 يوماً لم يرفع شعار ديني واحد في هذه الثورة الشعبية المصرية، وهو ما كشف عن أن النظام السابق كان يؤجج المناخ الطائفي حتي يبتز الغرب، من خلال تهديده بفزاعة «الإخوان المسلمين» في الداخل والخارج، وليس مصادفة أن أبشع فترات معاناة الأقباط هي في الـ 12 سنة الأخيرة، منذ أحداث الكشح الأولى وحتى كنيسة «القديسين» في الإسكندرية، تمت في عهد وزير الداخلية السابق حبيب العادلي الذي استمر 14 سنةً، حافلة بأسوأ جرائم التعذيب وامتهان حقوق الإنسان في أقسام الشرطة والسجون، وما تعذيب خالد سعيد (مصري مسلم) حتى الموت الذي أشعل ثورة الشباب على الـ «فايسبوك»، إلا نموذجاً لبشاعة هذا العهد الدموي. لقد شاهد العالم كيف أقيمت القداديس يومي الأحد والجمعة على أرض ميدان التحرير، التي سجد عليها المسلمون خمس مرات في اليوم، وعلى رغم غياب الأمن وانهيار جهاز الشرطة لم يسجل حادث طائفي، وهو ما بدد الفكرة المسمومة التي روج لها النظام السابق في الداخل والخارج، باعتباره الحامي الأمين للأقباط من المسلمين!

ثالثاً: لقد بلور الشعار الذي رفعه الشباب الأحرار في ميدان التحرير منذ اليوم الأول للثورة: «مدنية... مدنية. سلمية... سلمية»، أن إقامة الدولة المدنية الديموقراطية الدستورية وإرساء مبدأ «المواطنة»، هو مطلب عام لكل القوى الوطنية والتيارات السياسية على اختلافها وتعددها، وهو الكفيل وحده بإزالة كل المخاوف من شبح الدولة الدينية أو الدولة العسكرية، والسبيل الى تحقيق الدولة العصرية في الألفية الثالثة، حيث يُستبدل اليوم مبدأ «السيادة» الوطنية بمبدأ «الديموقراطية» في النظام الدولي الجديد.

* أكاديمي مصري


http://international.daralhayat.com/internationalarticle/238176

الأربعاء، 23 فبراير 2011

البديل | البديل » محمد طعيمة يكتب عن “تفاهمات” الإخوان مع عمر سليمان .. الفزاعة: تؤمرني يا فندم

البديل | البديل » محمد طعيمة يكتب عن “تفاهمات” الإخوان مع عمر سليمان .. الفزاعة: تؤمرني يا فندم:

  • اجتماع سري جمعهم بسليمان سبق جولة الحوار الثانية
  • فهمي هويدي يسأل قيادتهم: مع التحرير أم مع لاظوغلي؟
  • مع بداية “لقاء خاص” جمعهم بنائب الرئيس.. نفوا ارتباطهم بالبرادعي
  • شباب من الجماعة: السيطرة على منصة “جمعة النصر” تم بالتنسيق مع بقايا أمن الدولة
  • (جزيرة مصر).. فضائية جديدة من قطر لدعم الإخوان في الانتخابات القادمة

بالطبع هي “محض صدفة” أن “يتصادف” تزامن ظهور بعض هتافات الإخوان، ثاني ثلاثاء للثورة، مع تزايد الحديث الغربي الصريح عن “ضرورة التنحي”، ليرتد الخطاب الغربي ثانية إلى مناطقه الرمادية.

منذ البداية كان موقف الإخوان حاسماً، لم يرحبوا بدعوة التظاهر في 25 يناير. فإن الجماعة التي لوحت بنقل قضية اضطهاد الشرطة لأعضائها إلى الساحة الدولية، بررت رفضها المشاركة في الحشد ليوم 25 يناير بأن “التظاهرة تصادف يوماً وطنياً يحتفل فيه الجميع بجهاز الشرطة، ويجب أن نحتفل جميعاً بتلك المناسبة”.

مع نجاح حشود 25 يناير وتوالي الانتقادات لتخليهم عن الحراك العام، عاد بعض قيادتهم ليتحدثوا عن حرية مشاركة عناصر الجماعة. شارك فعلاً الآلاف من شبابهم، ومن الطبيعي ألا يظهروا، كما باقي التيارات، وسط مئات الآلاف من القوى السياسية الأخرى. لكن المتابعين لاحظوا أن الوجود الإخواني حتى على مستوى “الرموز الإعلامية” كان محدودا مقارنة بأحزاب وقوى لم تعتد التظاهر.. مثل الوفد. نفس الحال ينطبق على يوم جمعة الغضب وسقوط الشهداء وصمود الشباب بصدره العاري وبدمه لوحشية الشرطة، الذين كانت غالبيتهم الساحقة من المواطنين العاديين.

ربما كان ظهور قطاع من السلفيين أكثر بروزا لطبيعة “هيئتهم العامة” رجالاً ونساء، متجاهلين دعوة شيوخهم لعدم شرعية المظاهرات. ظهور الإخوان بدا ملحوظاً كعدة آلاف بين “المليون” منذ الأحد التالي، وسمعنا تصريحات من رموز لهم مثل عبدالمنعم أبوالفتوح وعصام العريان بأنهم كانوا حاضرين “وبقوة”، لكنهم فضلوا “عدم الظهور”، سواء “لأنهم جزء من الشعب”.. أو “لعدم استفزاز المخاوف الغربية”، ووصل الأمر بمهدي عاكف للقول: “كنا الرائدين في التظاهر”.

كنقطة نظام، يجب علينا التفرقة بين الإخوان كقيادات تقليدية ووسيطة وبين القطاع الأغلب من شبابهم، الذي ظل صامدا في صفوف الثورة كما باقي المشاركين فيها، لم ينشغل بحجم الغنائم أو بالقفز عليها. وتنظيمياً نفذ شباب الإخوان ما تعهدوا به، فلم يظهروا ككتلة داخل الثورة ولم يرفعوا شعاراتهم الخاصة وبرعوا في تنفيذ “مهمات لوجستية”.

*****

في أيام التظاهر الأولى، حاول كل من محمد البلتاجي وأيمن نور “الإمساك بالميكروفون” والحديث للمتظاهرين لتردعهم هتافات: “انزل.. انزل، لا إخوان ولا أحزاب.. شبابية شبابية”. البلتاجي سعي ليلتي الاثنين والثلاثاء لتجميع مئات الإخوان حوله، وليلة الثلاثاء ظهر أول هتاف إخواني في ميدان التحرير، ردده خلفه المئات منهم.

ذات الثلاثاء، ومع تواتر تصريحات رموزهم عن “دورهم” في الثورة، و”تصادف” تجدد الحديث عن المخاوف الغربية، سخر أحد أبرز مراقبيهم لفضائية العربية، الباحث حسام تمام، ممن يتحدثون عن دور بارز للإخوان مستشهداً بما شاهده وعاينه عن الإسكندرية.. التي يرددون أنها أبرز قلاعهم، التي قال إنه “يعرفها ويعرفهم مثل كفي يدي”، مؤكدا أن الحضور الإخواني “كان باهتاً”.

ما لم يسعف الوقت (تمام) لقوله كشاهد عيان، أنه اليوم التالي مباشرة، الأربعاء شهدت عروس المتوسط أول انشقاق في الثورة.. فإضافة للمظاهرة الرئيسية تجمع الإخوان في مظاهرة أصغر بكثير وظلوا يطوفون الشوارع على تخوم المظاهرة الأم، المدهش أنه حين حان وقت صلاة العشاء.. أقاموها منفردين وبإمام خاص بهم.

لكن (تمام) روى في الأخبار اللبنانية مشهدا مماثلاً يوم جمعة الغضب: “كان المتظاهرون أكثر من مليون ونصف مليون يمثلون ربع مواطني هذه المدينة، طافوا كل الشوارع وملأوا كل الفضاءات وتحركوا وثاروا وهتفوا وصرخوا وطالبوا وتفاعل معهم الناس. وكان “الإخوان”، مثل بقيّة الشعب، جزءاً من الثورة. قام خطيبهم وملأ الدنيا خطابة وثورة. ثمّ لما أعياه التعب، تلا الدعاء التقليدي: سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك، وأكمل بتلاوة سورة العصر… ودعا الناس للانصراف راشدين!”

*****

دعوة “الانصراف راشدين” كانت أولى تداعيات مشاركتهم في الحوار، و”عودتهم” للقصر الحاكم لأول مرة في عصر مبارك، بعد أن عرفوه طويلاً في العهد الملكي وفي عصر السادات. وضمن التداعيات يرصد (حسام تمام) في الأخبار اللبنانية الاثنين 7 فبراير 2011: “تحولاً لافتاً طرأ على موقفهم”، مشيرا إلى أنهم “برروا موافقتهم بأنهم سيتحاورون مع نائب الرئيس عمر سليمان على رحيل مبارك. لكنّ المؤكد هو أنّ الإخوان تنازلوا فعلياًَ عن مطلب الرحيل، ودخلوا فعلاً في صيرورة الحوار وفق ما طرحه النظام.. لا وفق ما طرحوه هم في البداية”.

يتوقف تمام عند “شكوكا تقليدية في أن الإخوان يظلّون دوماً أقرب إلى النظام حتى في خيالهم السياسي، وأنهم دائماً راغبون أو أقلّه قابلون في التقرُّب منه حتى وهم ينتفضون ضده”.

مساء يوم الجولة الثانية من الحوار، تكشّف أن الإخوان عقدوا اجتماعا “خاصا” مع عمر سليمان سبق لقاءه الثاني بهم وسط باقي المشاركين في الحوار. وكأن الحوار كله كان “كاموفلاش” للقاء الإخوان مع نائب الرئيس السابق. كان سليمان يريدها “نصف ثورة”.. ووافقه الإخوان.

تفاصيل “الصفقة” التي تبلور عنها اللقاء الخاص مع سليمان نشرتها جريدة (الشروق) في صفحتها الخامسة يوم الاثنين 7 فبراير 2011، وحتى الآن لم يكذب أحد من قيادات الجماعة ما أوردته الجريدة التي لا يمكن للإخوان الزعم بأنها معادية لهم أو مغرضة تجاههم.

(الشروق) استندت في تقريرها إلى مصادر رسمية وإخوانية، كاشفة عن أن الإخوان، كخطوة أولى طلبوا التفاوض معهم بعيدا عن أبرز حلفاؤهم الآن.. محمد البرادعي، ثم توجز “التفاهمات التى جرت صياغتها بصورة شبه نهائية بين الجماعة والنظام” في عدة نقاط: 1 ـ تعهد الجماعة بتقليص مشاركة أنصارها فى الثورة تدريجيا، بشرط عدم حدوث هجوم جديد على المتظاهرين وهو ما وعدت المؤسسة الرسمية بعدم تكراره. 2 ـ الصفقة لا تشمل تقنين عمل الجماعة ولكن تشمل السماح لبعض أعضائها بإنشاء حزب سياسى، ربما العام القادم. 3 ـ وقف الملاحقة الأمنية للإخوان، شريطة تفاديهم لاستفزاز الدولة.

*****

كان واضحاً أن الجماعة تسير على خطى ما فعله أبوها حسن البنا مع اللجنة الوطنية للعمال والطلبة عام 1946، حين كون فريقا منافساً باسم (اللجنة القومية) يرعاه القصر والاحتلال، وخرج المؤسس في سيارة كونستابل بوليس القاهرة ليطارده الثوار “يسقط صنيعة الاستعمار”. وعلى ذات ما نسجته الجماعة بقيادة الهضيبي الأول حين تواطأت مع الإنجليز في محاولة اغتيال عبدالناصر، ثم تفاوضت مع لندن على شكل الحكم والعلاقة بعد التخلص من ناصر أثناء العدوان الثلاثي. وعلى درب مرشدها عمر التلمساني حين تحالف مع السادات لضرب الحركة الوطنية.. سياسياً وبالشوم والأسلحة البيضاء. وعلى نفس روح الصفقة التي عقدتها مع النظام المخلوع في الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2005، بينما كان ناشطو الحراك يسحلون في الشوارع.

****

انتشرت تفاصيل التفاهمات/ الصفقة التي عقدها الإخوان مع عمر سليمان، لينصح زعيم المقاومة الشعبية في السويس الشيخ حافظ سلامة “الذين قدموا أنفسهم ممثلين عن المصريين، بأن يتّقوا الله في شباب مصر وثروتها، ويتركوا الساحة للشباب ليعبروا عن انتصارهم بطريقتهم”. ويرصد كاتب إسلامي بحجم فهمي هويدي، في السفير اللبنانية الأربعاء 9 فبراير 2011 كيف “التبس علينا موقف الإخوان، فلم نعرف على وجه الدقة أين يقفون، مع ميدان التحرير أم ميدان لاظوغلي”. ليخلص هويدي، بثقله بين التيارات الإسلامية وخارجها إلى أن “مشكلة الإخوان أنهم ـ أو بعضهم ـ فرحوا بالإعلان الرسمي عن دعوتهم للحوار، وحضروا الاجتماع الذي تجاهل المطلب الأساسي لثورة 25 يناير”، منتهياً إلى أن “الذين ذهبوا إلى الحوار منهم فقدوا ثقة شباب ميدان التحرير.. (..) وحسبوا أنهم بحضورهم كسبوا نقطة لدى الحكومة، وبإعلانهم اللاحق فإنهم ظلوا يحتفظون بموطئ قدم في ميدان التحرير. وللأسف فإنهم خسروا الاثنين، لأن السلطة استدرجتهم واستخدمتهم في الحوار، ولن تعطيهم شيئا”. ثم موجهاً سؤالا مباشراً لقادة الجماعة: “مع التحرير أم مع لاظوغلي”.

****

تعهد الانسحاب التدريجي لم ينجح في إقناع الشباب، يكتب تمام في الأخبار اللبنانية: “لا يزال الزعيم الإخواني، يفكر بنفس العقلية التقليدية التي يبدو أنها لم تغيّرها الثورة. لا مانع لديه أن يقف ليخطب بالساعات في جموع لم يجمعها ولم يحلم يوماً باجتماعها. ثم إذا شعر بالتعب وبأن التظاهرة زاد وقتها وأنه لا طاقة له على الاستمرار، لا يجد مانعاً من أن يدعوها إلى الرحيل من دون أن يسأل نفسه: هل يجب أن تنصرف الجماهير لأنه هو تعب ولم يعد لديه ما يقوله؟ وهل لا بد أن يكون في حيازته دليل الثورة وحركتها ومطالبها؟”.

لم ينسحب شباب الإخوان، متجاهلين ما تعهد به شيوخهم، فأزمة تقليديي الجماعة، كما يتفق هويدي وتمام: “أنهم تعاملوا مع الثورة بنفسية ما قبلها (..) كأن ثورة لم تندلع ونظاماً لم يتضعضع ويوشك على السقوط”.

انهارت التفاهمات/ الصفقة.. لأن طرفها الرئيسي سقط، ويبدو أن لديهم لعبة جديدة مع إعلان تشكليهم حزب سياسي يعزف بالتوازي مع الجماعة الأم على “توظيف” الإسلام، هاهم يتراجعون ويعلنون أن الدولة المدنية لا تتناقض مع دولتهم الدينية، مدعومين بفضائية جديدة تمولها المخابرات القطرية باسم (جزيرة مصر)، يديرها الإعلامي الإخوانجي (أيمن جاب الله) الذي تم نقله قبل شهور من منصب نائب رئيس الفضائية الأم إلى رئاسة الجزيرة مباشر، على خلفية اتهام عدة مذيعات له بالتحرش بهن.

في أول إطلالة له عبر التليفزيون المصري بعد غيب طال عقودا، انتقد الأستاذ هيكل في لقاء مع الإعلامي محمود سعد ما شهدته مظاهرة جمعة النصر، ملمحاً إلى “وجود قوى تحاول توجيه الأمور لصالحها من الذين ذهبوا للحوار مع عمر سليمان، مشيرا إلى أن احد نواب الإخوان كان يُخرج ويدير ما يحدث على المنصة. في وجود الشيخ يوسف القرضاوي وهو شخص جليل وإحترمه وكنت أتمني ألا يعرضه أحد لهذا الموقف. فقد ظهر أمامي رجل كبير ومريض مثلنا تماما، وقد تكلم بعقل وحكمة ولكن استطيع القول أن آخرين كانوا يريدون بهذا الموقف تصويره وكأن الخوميني عائد إلي مصر”. لكن هيكل توقف عند فشل محاولة عناصر من الإخوان الترويج “لهتافاتهم.. فلم تتجاوب معهم الجماهير وهتفت هتافا جمعيا”، متهما الإخوان بانها “تحاول ان تحصل لنفسها على ميزة عبر الثورة الشعبية”، ليخدموا “بؤرة شرم الشيخ” بايقاظ المخاوف الغربية.

نائب الإخوان الذي كان يُدير المنصة طرد (وائل غنيم) صاحب صفحة (كلنا خالد سعيد) التي فجرت الدعوة لمظاهرة 25 يناير، ليخلي الساحة للشيخ القادم من بلاط حاكم قطر. فيما بعد يكشف الناشط شادي الغزالي، للعاشرة مساء، ان شباب الإخوان انفسهم منعوا من المنصة وان السيطرة عليها لصالح فزاعة الأخونة والقرضاوي تم بين قيادات إخوانية وبين عناصر من بقايا أمن الدولة.

هكذا بدأت لعبة القفز على ثمار ثورة استهجنوا خروجها “احتراما منهم لعيد الشرطة الوطني”، وهاهم يستعدون لطرح منافس على الرئاسة رغم تعهدهم بأنهم سيدعمون مرشح التوافق الوطني، فوفق سعد الكتاتني: “سنرشح مسلماً للرئاسة وليتنافس معه قبطي أو امرأة، الاختيار متروك للناس”.

ألم يقل هويدي وتمام إنهم مازالوا يتعاملون بنفسية وذهنية ما قبل الثورة