الجمعة، 15 يوليو 2011

الفزع من الحرية

الفزع من الحرية


الفن والفكر والعلم سيرورة دائمة تعتمد علي‮ "‬النقد‮"‬،‮ ‬ولهذا‮ ‬يرهب خطاب التحريم من‮ "‬النقد‮" ‬ويعادية في‮ ‬الفكر والعلم والفن علي السواء‮. ‬تاريخ اضطهاد المفكرين والعلماء والفنانين‮ ‬يشهد بذلك‮. ‬
تحريم الفن في‮ ‬أي‮ ‬خطاب هو أحد تجليات الفزع من الحرية بشكل عام في‮ ‬الخطاب العام‮. ‬يتجلي هذا الفزع في‮ ‬ظاهرة تتميز بها مجتمعاتنا عن سائر المجتمعات‮. ‬حين‮ ‬يبدأ كلام عن‮ "‬الحرية‮" ‬يبدأ البحث عن‮ "‬الضوابط‮"‬،‮ ‬و"الحدود‮" "‬والمعايير‮". ‬يحدث ذلك قبل أن تبدأ الممارسة،‮ ‬التي‮ ‬هي‮ ‬وحدها الكفيلة بخلق المعايير والضوابط عبر الحوار والنقاش‮. ‬إن التفكير بالمعايير والضوابط والحدود قبل الممارسة هو بمثابة وضع العربة قبل الحصان،‮ ‬الأمر الكفيل بالتحرك إلي الوراء لا إلي الأمام‮. ‬دعونا نبدأ ممارسة الحرية أولا ولاتقيدوها منذ البداية بقوانين محكومة بأفق الانسداد الذي‮ ‬نعيشه‮. ‬إن ضوابط الدين والأخلاق والعرف والقيم ليست ضوابط مطلقة كما‮ ‬يتوهم ذوو النوايا الطيبة،‮ ‬بل هي‮ ‬ضوابط تتحكم فيها معايير السلطة وعلاقات القوة في‮ ‬المجتمع‮. ‬وفي‮ ‬المجتمعات الشمولية تتحدد المعايير والضوابط وفق مفاهيم السلطة المسيطرة‮. ‬وكل هذه الضوابط والمعايير المدعاة تستند إلي بنية تحتية عميقة فحواها أولا‮: ‬أن الحقيقة واحدة لا تتغير في‮ ‬المجتمع وفي‮ ‬الثقافة وفي‮ ‬الفكر،‮ ‬إنها حقيقة مطلقة لا تاريخية.ثانيا‮: ‬إن هذه السلطة التي‮ ‬تريد وضع الضوابط والمعايير هي‮ ‬وحدها التي‮ ‬تحتكر معرفة هذه الحقيقة‮. ‬إنه مفهوم‮ "‬الحاكمية‮" ‬الديني‮ ‬يتخلل الخطاب العام وإن تم التعبير عنه بمصطلحات أخري مثل‮ "‬الثوابت الاجتماعية‮" ‬و"الثوابت الأخلاقية‮"‬،‮ ‬و"الثوابت الدينية‮" … ‬الخ‮. ‬

نصر حامد ابو زيد