السبت، 31 ديسمبر 2011

البديل | البديل » سارة شمبونجو تكتب عن الإخوان والهجوم على المنظمات: انتهى الدرس يا.. بركة

البديل | البديل » سارة شمبونجو تكتب عن الإخوان والهجوم على المنظمات: انتهى الدرس يا.. بركة


ثلاثون قطعة من الفضة كانت هي الثمن الذي تلقاه يهوذا الاسخريوطي لقاء تسليمه السيد المسيح لليهود وكان الإنجيل يصف يهوذا” بالمُسلِّم” من حيث أنه سلم المسيح لليهود… ندم يهوذا على ما فعل ورد الفضة لكهنة اليهود … لكن بعد فوات الأوان، فما كان منه حسب روايات الإنجيل إلا أن قام بشنق نفسه عقابا لما فعل .

يبدو الموقف أكثر جلاء في لوحة للفنان الدنمركي ” كارل بلوش “ حيث نرى يهوذا يغادر العشاء الأخير متسللا ليقوم بالإبلاغ عن مكان اجتماع المسيح بتلاميذه .

لا أعرف لماذا استحضرت هذا المشهد الدراماتيكي ليهوذا و السيد المسيح ولوحة” بلوش”.. وأنا اقرأ تصريحات السيد احمد أبو بركة المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة مع الفارق طبعا … عن اقتحام قوات “الصاعقة “ لبعض المراكز الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني ومصادرة ما بها من أوراق وأجهزة و” غلايات شاي” معرفش أيه الغرض من مصادرة غلايات الشاي بس عادي ما احنا في مرحلة كلمة ” عبثيه ” هي أكثر المفردات تواضعا لوصف ما نمر به, داهمت تلك القوات هذه المؤسسات بحجة التحقيق في تمويلات المداهمون ومن وراءهم أول من يعلم مصدرها ومن أين تأتي وإلى أين تذهب وكله بالورقة والقلم .

أخدت نفس عميك كده وقولت هوووووب عشان الدمعة ماتفطش من عينيا وأنا بفتكر محاكمات الاخوان العسكرية بداية من محاكمات حادث المنشيه الشهير مرورا بقضية تنظيم” 65 “و مرورا بـ” محاكمات التوفيقية” عام 1995 .. وصولا وانتهاءا بمحاكمات أقطاب الاخوان خيرت الشاطر وحسن مالك ومحمد علي بشر على خلفية عرض طلاب الاخوان الشهير داخل حرم جامعة الازهر عام 2005 واللي تم فيها الحكم بسبع سنوات بالتمام والكمال على خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة” المحظورة” أيامها .

.مش هتكلم على المحاكمات السابقة لأني ماعشتهاش ونظرا لأني مش باثق في كتير من كتب التاريخ, هتكلم عن الفترة اللي أنا عشتها وعاصرتها بنفسي الفترة اللي كان تجمع عشر نشطاء على سلالم نقابة الصحفيين أو قدام دار القضاء العالي مغامرة محفوفة بالمخاطر وغير معلومة العواقب رغم كده وقفت كل التيارات المصرية بدون استثناء -بغض النظر عمن يعرفون الآن بالتيار السلفي لان التيار ده كان مكانه مكاتب ضباط امن الدولة حيث تقاس هناك أطوال اللحى والشوارب ويتم تكليفهم بمهام هم اعلم الناس بطبيعتها- وقفت كل القوى السياسية تطالب بالإفراج عن الشاطر ورفاقه ومحاكمتهم أمام قاضيهم الطبيعي بصفتهم مدنييين .

لم يتذكر السيد احمد ابو بركة وغيره من المتحدثين باسم التيارات الدينية في مصر- أصحاب ربطات العنق العريضة – التي أصبح لها صوت بفضل الله أولا ثم بفضل ثورة الخامس والعشرين من يناير لم يتذكروا اسما مثل” احمد نبيل الهلالي” قديس اليسار المصري الذي كان يتصدى للدفاع عن المظلومين بوجه عام ومظاليم الإسلاميين على وجه الخصوص و إن كانت ذاكرة أبو بركة قد نالها شيء من التلف فأذكره بوقوف نبيل الهلالي مع الدكتور” عبد المنعم أبو الفتوح “ ودفاعه عنه في قضيته سنة 1995 .. ولا الدكتور ابو الفتوح دلوقت مش محسوب عالاخوان ؟

في الوقت اللي كان السلفيين قالبين الدنيا ومولعينها أيام اختهم كاميليا واختهم وفاء قسطنطين كانوا غاضين البصر تماما عن اخوهم برضه” سيد بلال “ أحد ضحايا كنيسة القديسين- أنا بعتبره أحد ضحاياها- .اللي ترافعوا عن سيد بلال كانوا برضه حقوقيين لا يمتون لسيد بلال ومن ينتمي اليهم سيد بلال بأي صلة . كل ما كان يربطهم بسيد بلال وغيره من المظلومين انهم اخوة في الوطن و الإنسانية لا أقل ولا أكثر .

لماذا هذه الهجمة الشرسة على المراكز الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني ؟ التمويل ؟ ما كلنا بنتمول من اصغر واحد فينا اللي لسه بياخد مصروف من باباه أو مامته لاكبر واحد فينا بياخد مصروفه من مامته امريكا .

تذكر فجأة المجلس ورفاقه من التيارات الاسلامية ان هناك تمويلا للمراكز الحقوقية والمؤسسات غير الحكومية تذكروها فقط لانهم ادركوا انها مسمار من مسامير كثيرة يتم دقها بقوة في نعوشهم المنتظرة .. لم يتذكروا مؤسسات مثل جمعية أنصار السنة أو جمعية محمد علاء مبارك.. لانها لا تمثل لديهم أو عليهم خطورة تذكر.. وكله تحت السيطرة يا باشا

ما آلمني ليس مهاجمة العسكر لهذه المؤسسات فالضربه كانت قادمة لا محالة كان عنصر الوقت هو المفاجئ أما الفعل نفسه فكان الجميع في انتظاره ومستعدون لاستقباله ومنتظرين حدوثه في أي لحظه .. ما آلمني وغص حلقي هو مباركة المكتوين بحكم العسكر منذ أيام عبد الناصر والمحاكم العسكرية إلى أيام المخلوع . لم يكتف الاخوان وغيرهم من التيارات بالصمت مثلا لكنهم باركوا ما يحدث … قدرة الإخوان على الابهار في كل مرة تفوق مثيلاتها في المرات التي تسبقها … أرجع وأقول لنفسي: لماذا ننبهر إذا كان الإخوان انفسهم قد تخلوا عن ابنائهم الذين يحاكمون عسكريا الآن بعد الثورة غاية ما استطاعوا فعله انهم أرسلوا اليهم محامين للدفاع عنهم .. لكنهم لم يطالبوا مرة بوقف المحاكمات العسكرية للمدنيين لم يقفوا بقوة في وجه المحاكمات العسكرية التي يكتوي بنارها اكثر من اتناشر ألف مدني حتى الآن … اللي قام وجعل لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين هم شباب وفتيات آمنوا بأن المناصب والكراسي والوزارات والبرلمانات إلى زوال لكن الباقي هو الانسان وكرامته وحقه في أن يعيش حياة عادلة لا ظلم فيها .

تطاردني الآن مع صورة يهوذا وهو يلطم وجهه و يحاول جاهدا رد قطع الفضة مقابل التكفير عن ذنب تخليه وخيانته للسيد المسيح صورة أخرى للقاضي الإخواني الشهير “عبد القادر عودة “ أحد أقطاب الإخوان في فترة الخمسينات الذي استعان به محمد نجيب إبان ازمة مارس1953 للصعود الى قصر عابدين وطلب منه ان يخطب في المتظاهرين ويطلب منهم العودة الى بيوتهم وهو ما نجح فيه المستشار عودة.. ثمة صورة ثالثة تطاردني لنفس القاضي الشهيد القاضي” عبد القادر عودة” وهو يجر جرا الى حبل المشنقة في التاسع من ديسمبر سنة 1954 خلص الكلام .